Editorial M Michel

                                                       أرضنا أرض مقدّسة.

          نعم، أرضنا الجبليّة أرضٌ مقدّسة، وأرضٌ خيّرة، وأرضٌ مباركة، وأرضٌ معطاء.

          أرضنا الجبليّة، أرض الحريّة والكرامة والعزة والأباء.

          أرضنا، لا تنجب إلاَّ العظماء والشرفاء والأحرار.

          نحن خلقنا أحراراً على هذه الأرض، ولم نعرف، لا العبوديّة، ولا الاستغلال، ولا النخاسة، ولا الذل، ولا المهانة، ولا الخنوع، ولا الرّكوع إلاَّ لربّنا.

          فكلّ من يطأ هذه الأرض يجب أن يكون شريفاً، نزيهاً، مستقيماً، أمينا،ً وفيّاً، وإلاَّ انشقت وابتلعته ورمته في أعماق الهاويات السفلى، حيث الفناء والاندثار.

          منذ فجر التاريخ، وأرضنا شريفة لم تدنسها لا أقدام ولا أكفّ الغرباء والنزلاء والدّخلاء والمحتلّين والمستعبدين والغزاة والمغتصبين المتوحّشين، والتاريخ خير شاهد.

          لم يعش ولم يمت أجدادنا إلاَّ مرفوعي الهامات، ناظرين إلى الأعالي، متحدّين الشمس ولفح الرّياح والأعاصير، أوفياء شرفاء، مؤتزين درع الأخوة والوحدة والشهادة، لا يغريهم لا مال ولا جاه ولا مراكز ولا كراسي ولا عروش.

          أين نحن منهم ؟ لا نعرف الإلفة ولا المحبّة ولا النخوة.

          بعنا أرضنا بعد أن دنسناها ووسّخناها، وبعنا أنفسنا وبعنا كرامتنا وشرفنا، بعنا أولادنا وعيالنا ومقدّساتنا بكمشة من الفضة. فعوض أن نبكي خوفاً على  خسارة أرضنا، بكت علينا، لأننا جحدنا فضلها، وأنكرنا جميلها، وجرّحناها،  وطعناها في الصّميم. شوّهناها، هجرناها، كنا عقوقين. والحقيقة تقال: كنا مجرمين، سفاحين.

          عفوك أيّتها الأرض، وعفو خيراتك وينابيعك، عفو أشجارك وثمارك ورياحينك وطيورك، عفو ظلالك، عفو ترابك وصخورك، عفو حنانك وكرمك.

          عفو مدارسك أيّتها الأرض، هذه المدارس التي جعلت من ظلامك نوراً، ومن يباسك اخضراراً، ومن عقمك انجاباً، ومن صلابتك لينا ونعومة، ومن زمهريرك نسيماً، ومن رعودك وشوشات، ومن بروقك بسمات، ومن جمادك حياة، ومن جفافك ينابيع، ومن جهلك حكمة وفلسفة، ومن بساطتك فكراً ثاقباً وعبقريّة خلاّقة.  لكن وللأسف،  كلّ هذا ذهب في مهبّ الرّيح. فرحمة اللّه عليك أيّتها الأرض وعلى مدارسك لأنَّ قيمة الإنسان فقدت،  ويوم تفقد القيم والأخلاق يؤول كلّ شيء إلى العدم، إلى الفناء.

                                                                                                مدير المدرسة الأستاذ ميشال أبو خليل