Mot de Michel

432

مدرستكم تاريخكم    

          يوم وهب المرحوم الخوراسقف بطرس حبيقه، مدرسة القدّيس بطرس لرهبنة إخوة المدارس
المسيحيّة، كأنيّ به كان عالماً بأنَّ هذه المدرسة ستكون الأساس لثبات أهالي بسكنتا والقرى
الجبليّة في أرضهم، سترّسخهم وتشدّهم إلى ترابها. انطلقت المدرسة مع الإخوة وازدهرت وضمّت
ولا تزال تضمّ مئات الطلاّب من بسكنتا ومحيطها سنويّاً.

منذ مئة وست من السّنوات ومدرسة القدّيس بطرس قائمة. تحدّت الرّياح والأعاصير الدّاخليّة والخارجيّة.
تحدّت البرد والصّقيع والجليد. تحدّت الزمان والمكان وصمدت.

سفينة مخرت عباب اليمّ وانطلقت تكسّر ما يصدّها من موج وصخور وتراب وأشجار وثلوج حتى قيل:
سفينة على قمّة جبل.  سفينة شامخة رافعة ناظريها إلى فوق ، إلى الأعالي.

سفينة ربابنتها إخوة المدارس المسيحيّة رهباناً كانوا أم علمانيّين. مدرسة القدّيس بطرس،
مدرسة الفرير في بسكنتا خرّجت الأبناء والآباء والأجداد.

          منذ استلمت رهبنة إخوة المدارس المسيحيّة مدرسة القدّيس بطرس وهي تدعمها وتسدّ العجز الّذي تقع
فيه لئلاَّ تحمّل الأهالي أكثر من طاقتهم.

بكم قامت وبكم تستمرّ،  بكم كبرت وشمخت وعلت وبلغت ذرى الكون والسؤدد والكمال.

          فالمجد يتمشى في أروقتها رافضاً مغادرتها والانسلاخ عنها.

          العزّة والكرامة والمحبّة والتضحية تملكّت فيها وترّسخت في جذورها .

          هي أمّ بكلِّ معنى الكلمة لم تبخل بشيء، حضنت وضمّت إلى صدرها كلَّ من شرّفها، أرضعته حتى ولو
قضم لحمها.

          لم تميّز يوماً ولا لحظة بين أبنائها، أأحبّوها أم نكروها، أزاروها أم ابتعدوا عنها، أألبسوها أم عرّوها،
هي أمّ والأمّ لا تعرف إلاَّ الخير والبذل والعطاء والسّهر.

          فيوم تقفل – لا سمح اللّه – مدرسة الفرير، تقع الكارثة على المنطقة الجبليّة فتبور  الأراضي وتفرغ من
سكّانها. فنحن لا نريد فقدان أحد، ولا نريد أن نقرع أبواب الغرباء، ولا أن نمدّ أيادينا لأحد.

          فأنتم أبناؤها ، أصغاراً كنتم أم كباراً .

          هي النور الّذي يشّع من عيونكم، وهي الحياة الّتي تدبّ في عروقكم. هي عقولكم الخلاّقة،
هي قلوبكم النابضة. هي أياديكم المنتجة،  هي أقدامكم الصّامدة التي تضرب الأرض لتصعد إلى الأعالي.

          فيا أبناء هذا الجبل والوطن، مدرسة الفرير في بسكنتا هي بيتكم، هي استراحتكم، هي  أحلامكم،
هي ماضيكم وحاضركم ومستقبلكم. هي نعمة فلا ترفضوها، هي ذخيرة فلا تضيعوها، هي بركة فتمسّكوا
بها.  هي السلّم الّتي ترتقونها لبلوغ القمم.

          فمدرسة الفرير هي تاريخكم فحافظوا على هذا التاريخ، لأنَّ من لا تاريخ له لا مكان
له  ولا  وطن.

                                                                                                 مدير المدرسة الأستاذ ميشال أبو خليل

You might also like More from author